في حياة موازية


الساعة السابعة و ثمانية وعشرون دقيقة، وحافلة العمل تمشي بحذر على "نزول جرش" في الوادي الذي يودّع الربيع بخجل و أعشابه الخضراء تقاوم الاصفرار حتى آخر رمق. السماء ملبدة بغيوم لا تنذر بأية أمطار في ربيعٍ حاضر هذا العام يركل الصيف ويبعده عدة أسابيع إضافية كلما سنحت له الفرصة. وفي السمّاعات الملتصقة بأذني تحت الحجاب موسيقى بلا كلمات لأكثر من أحب من الموسيقيين الذين اكتشفتهم حتى الآن. 

نسيت أن أحضر كتابي اليوم، لم يكن أمامي سوى التحديق في النافذة والتفكير. 

استمتعت بموسيقى حاكت مشاعر غريبة كنت أمر بها بعد فترة صاخبة لم أتعافى من آثارها بعد. روعة الأصوات الصادرة عن الآت النفخية واندماجها مع الإيقاع في الخلفية جعلها أبلغ من قصيدة شعرية. ذلك جعلني أفكر؛ كم أتمنى لو كنت موهوبة، لو كنت في عائلة لديها أولوية في تعليم أبنائها العزف على آلة موسيقية، أو إلحاقهم في نوادٍ رياضية في وقت مبكّر تفضي إلى التحاقهم بمنتخبات وطنية لاحقاً.

ربما كنت سأضيق ذرعاً بالدروس الطويلة وأنا صغيرة، والإجازات المقتطعة للتدريب، ربما كان عليّ احتمال حنق المدرسين (أو المدربين) ولربما انتهى بي المطاف لأن أصبح "تنافسية" (صفة أكرهها وأتساءل كيف تعتبر صفة محمودة في العرف العام والعرف المهني خصوصاً).

لكني - على كبر-سأقطف ثمار كل ذلك التعب. وكنت سأستطيع أن أقول ملء فمي إذا سئلت عن هواياتي أني -و كما يقول الفنانون المصريون - "بعمل مزيكا"  أو أني في المنتخب الوطني للتنس الأرضي. 
كنت سأحب أن أكون جزءاً من أوركسترا وطنية أعزف الكلارنيت أو الناي وأجلس باتزان منتصبة القامة مرتدية ملابس سوداء أنيقة مثل زملائي الموسيقيين عازفي الكمان والبيانو.
ولربما كان من الجميل أن أكون رياضية مشدودة العضلات ألبس إسوارة ملونة على مرفقي مصنوعة من مجموعة من الخيطان المجدّلة مع ساعة "رياضية" وعلى ظهري حقيبة متينة غير متناسقة مع حذائي الرياضي المريح، أجوب مطارات العالم وأمشي بثقة مع زملائي الرياضيين الممشوقين الذين يمضغون العلكة بثقة وهم يمشون بعدم اكتراث مفتعلٍ بعض الشيء.  

التفكير في أحلام اليقظة تلك أوصلتني بعد حوالي ٤٠ دقيقة إلى إشارات الحصن دون أن أشعر.

 بعد ١٠ دقائق سأصل إلى مكان عملي وسأعود لحياتي الطبيعية، سأذهب إلى العمل الميداني مع قلمي واستبياناتي وابتسامتي المحترمة لأتحدث مع سكان القرى في إربد من العائلات الأردنية والسورية وأنا أفكر بالأيام المتبقية التي تفصلنا عن نهاية الأسبوع.

*في حال كنتم تودون سماع الموسيقى التي تستطيع أن تأخذكم إلى مكان آخر وأنتم جالسون في مكانكم:




هناك 5 تعليقات:

  1. إشارات المخفر "في رواية أخرى"

    المقطوعة الأولى = ثيمة من برنامج على اليوتيوب عن نظريات المؤامرة .. (نسيت إسمه!) صح؟
    الثانية واضح أنها تركية. بها حماسة في الإيقاع بعد أول دقيقة، لم أتوقع ذلك ال-"تغيير" . جميل

    ردحذف
    الردود
    1. لا حرام عليك .. شو نظرية مؤامرة ما نظرية مؤامرة وإشارات المخفر في رواية أخرى
      هاي الموسيقى جوها تاني المفروض
      اكتشفتها وقت ما شفت أحلى فيديو بالعالم! :)
      Watch this video on Vimeo:
      https://vimeo.com/108018156
      ___
      Don’t have the Vimeo app?
      Get it from the App Store:
      http://bit.ly/vimeo_ios

      التانية تركية فعلاً والتغيير هو المقطع يلي جاب خبرها عن جد ^_^

      حذف
    2. If I remember it I shall send it here
      - it was such a controversial series btw

      ------------
      this one is sad, I mean the music felt sad!
      but nice views though

      حذف
  2. كم استمتعت بقراءة هذه المدونة (والاستماع إليها) :))))
    بالنسبة للهوايات...أنا معك...بعد كل هالعمر لساتني بحكي ليش ما أهلنا بعتونا؟!، بعدين برجع بحكي ليش ما نتعلم هلأ؟
    رياضيا بتخيل #راحت-عليك ، بس موسيقيا أو رسما أو باللغات ما زال في أمل على ما أظن...بس بدها همة

    وبالنسبة للموسيقى، فالفنان الكلاسيكي الإيطالي لوديفيكو من مفضلتي دائما...وهناك ريمكس رائع لتلك المقطوعة بالذات

    ردحذف
    الردود
    1. فكرك؟ :) لسه ما فات الأوان .. إن شاء الله هو فعلاً إذا في إرادة وتصميم العمر بالمرة مش مهم

      وبالنسبة للموسيقى؛ الإيطالي انت يلي دلّتيني عليه :) بدي أبحبش على الريمكس

      حذف

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...