هذه تدوينة متأخرة نسبياً عن معرض نون لعام ٢٠١٥، تلك الظاهرة الثقافية السنوية التي يترقبها المئات كل سنة.
بالطبع يكبر المعرض عاماً بعد عام، وتزداد نشاطاته، ويتطور تنظيمه ويُفاجئ جمهوره بفعاليات متنوعة وضيوف وكتّاب من مستويات رفيعة، لكني كمتطوعة في أربعة معارض سابقة أستطيع أن أقول أنه يبقى - كما في كل سنة - حدثاً صاخباً مليئاً بالوجوه الأليفة والكتب القيمة والجمهور المتنوع والمتطوعين الديناميكيين.
كما هو معروف فإن الهدف الأساسي لمعرض نون تشجيع القراءة وتوفير الكتب بأسعار في متناول الجميع تبدأ من١٠ قروش وتصل إلى ٣ دنانير كحد أقصى. تنقسم الكتب المتوافرة في شتى المواضيع كالأدب ،الفكر والسياسة والتنمية البشرية وأدب الأطفال والكتب الجامعية وغيرها الكثير.
السر في معرض نون أنه أليف؛ أي أنه مكان محبب يستقطب الجميع كباراً وصغاراً من مختلف الخلفيات والتوجهات ولا أحد يشعر أنه غريب عن ذلك الجمهور المتنوع الذي يؤلف باختلافته عينة مصغرة وممثلة للمجتمع الأردني. فعلى "بسطة" الكتب نرى طالبات جامعة إلى جانب أستاذ في الأربعينيات وعائلة سلفية مكونة من أب وأم وطفل مسترخي في عربته إلى جانبهما، وجدة حرصت على إحضار نظارات القراءة السميكة حتى تتمكن من تفحص الكتب ذات العناوين الشيقة بالنسبة لها.
من أسرار نجاح المعرض - غير المباشرة برأيي المتواضع - هو تعطّشنا كأردنيين لمساحات عامة تجمعنا بشكل حضاري.
فنحن لا نمتلك ميادين تذكر على غرار المدن الكبرى، ولا بنية تحتية لنظام مواصلات محترم مجهّز بأسطول ضخم يربط المدن والمحافظات نستطيع أن نتفاعل كمواطنين في ما بيننا في محطات انتظار الحافلات ومقاعد القطارات أو أدراج مترو الأنفاق. عدد الحدائق العامة متواضع جداً، وأغلب أماكن التنزه و الترفيه المتوفرة تقتصر على أنشطة استهلاكية مقترنة بالمطاعم ومراكز التسوق والتي تشكل أعباءً مادية على الكثيرين.
لا يوجد مهرجانات سنوية أو احتفالات قومية تَعني الجميع وتشجعهم على النزول للشارع والاستمتاع بعروض كرنفالية أو ألعاب نارية تصاحبها طقوس متعارف عليها محلياً.
لا أعتقد أن كل ما ذكر ضربٌ من الرفاهية، السابق شروط أساسية لمدنيّة حديثة في الألفية الثالثة. فهو ما يدفع المبدعين للبقاء ويجعل من الاغتراب في الخارج خياراً صعباً يحتاج لتقديم التنازلات والتفكير المطول، وهو ما يصنع هوية للمدينة. ويجعل سكانها أكثر سعادة، وأقل حنقاً من صعوبات الحياة وتعقيداتها المتزايدة.
ولاء المواطنين لا يكون بظهور الأعلام البراقة فجأة وعلى حين غرة بعد خطاب ما على أبنية حكومية متهالكة أو انتشار شعارات مسطحة في كل مكان بشكل سمج يذكرنا بالأنظمة الشمولية وروايات جورج أورويل، بل يكون باحترام حقوقنا كمواطنين ودافعي ضرائب، وحاجتنا لأماكن حضارية تجمع كبيرنا وصغيرنا، أفراداً وعائلات بشكل تلقائي يضفي معنى على حياتنا اليومية التي نتشاركها سوياً شئنا أم أبينا. (أتمنى أن نتمكن من إنتاج نسخة أردنية من هذه الأغنية يوماً ما:))
تدوينة فخمة
ردحذف"حن لا نمتلك ميادين تذكر على غرار المدن الكبرى، ولا بنية تحتية لنظام مواصلات محترم مجهّز بأسطول ضخم يربط المدن والمحافظات نستطيع أن نتفاعل كمواطنين في ما بيننا في محطات انتظار الحافلات ومقاعد القطارات أو أدراج مترو الأنفاق. عدد الحدائق العامة متواضع جداً، وأغلب أماكن التنزه و الترفيه المتوفرة تقتصر على أنشطة استهلاكية مقترنة بالمطاعم ومراكز التسوق والتي تشكل أعباءً مادية على الكثيرين.
لا يوجد مهرجانات سنوية أو احتفالات قومية تَعني الجميع وتشجعهم على النزول للشارع والاستمتاع بعروض كرنفالية أو ألعاب نارية تصاحبها طقوس متعارف عليها محلياً.
لا أعتقد أن كل ما ذكر ضربٌ من الرفاهية، السابق شروط أساسية لمدنيّة حديثة"
100%
no
200%
شكراً .. سعيدة لأنها أعجبتك
حذفشكرا جزيلا يا صديقتي على الفقرة الاخيرة
ردحذفولو :) أهلا وسهلاً أقل الواجب
حذفما أجمل التدوينة يا روان!، تخيلت رح تكون أكتر عن تفاصيل الفعاليات و الكتب إلي شريتيها (بالرغم من قرارنا السنوي بعدم شراء الجديد حتى نخلص من القديم) :)...بس بالمقابل كانت خواطر جميلة عن انعكاسات فعالية اجتماعية جميلة وفيها أمل و حب و ناس متفقة!
ردحذفملاحظة: الأغنية والفيديو روان!!!! قلبي الصغييييير 3>
أول مرة بسمع الأغنية أو بشوف الفيديو...بدها قعدة لأشرحلك المشاعر....جددتي حلمي وحبي لمصر...وهلأ عم بسمع أغنية رمضان إلي قبله، "إيه ده يا روان...دي حاجة تحفة"
بناء على توصيتك مبارح مضيت فترة المساء بس بحضر أغاني موبينيل .. رمضان لطيفة جداً والله كلماتها عميقة ^ـ^
حذف