قرأت لكم - حرب الكلب الثانية


بعد إنتاج أدبي غزير، حاز إبراهيم نصر الله هذا العام على جائزة الرواية العربية (البوكر) عن روايته الأخيرة "حرب الكلب الثانية". يمكن تصنيف هذه الرواية ضمن أدب المدينة الفاسدة أو "الديستوبيا" حيث تدور أحداثها في المستقبل في مجتمع مُتخيّل يتسم بالفساد والخراب والانحطاط الأخلاقي.

بالاستناد على معطيات حالية تم تقديم صور مستقبلية مضخمة عن مجتمع  يتمتع بمستوى متطور جداً من التقنيات المستخدمة في التعليم والترفيه والمواصلات، يرافقه درجة عالية من التلوث والاختلال الطبيعي، وتشوّه واضح للقيم والعلاقات. حتى الحيوانات في الرواية تشوّهت أشكالها وفطرتها، فالكلاب مثلاً لم تعد وفية لأصحابها وغدت تتسم بالغدر.

قُدمت فكرة أخرى مثيرة للاهتمام وهي أن التاريخ لا يعيد نفسه كما هو مشاع، بل إنّ البشر لا يتعلمون من أخطائهم. فقد تم تسليط الضوء على عدد من الحروب التاريخية ومع العلم أن أسباب تلك الحروب كثيراً ما تكون سخيفة وعواقبها وخيمة إلا أن البشر لا يتوقفون عن افتعال حروب جديدة. ففي الزمن الذي تناولته الرواية والذي شاع فيه الاستنساخ بكل طاغٍ، أصبح البشر متشابهون جداً بالأشكال والطبائع لكنهم مع ذلك في صراع دائم بسبب اختلافات يخلقونها بأنفسهم.

ربما يكون الانطباع الأول الذي تتركه الرواية بعد الانتهاء من قراءتها هو الامتعاض والاشمئزاز. هناك الكثير من القراء ممن يعتقدون بأن ذلك إشارة إلى نجاح الكاتب في إيصال فكرته. فكتب من هذا النوع تترك أثراً في نفس القراء وقد ترافقهم لعدة أشهر أو حتى سنوات لاحقة، حيث يقومون بعقد مقاربات ومقارنات ذهنية بين روايات الديستوبيا المتخيّلة والأحداث التي تدور على أرض الواقع، تماماً كما يستشهد البعض برواية جورج أورويل "١٩٨٤"، أو سلسلة "ألعاب الجوع" لسوزان كولنز، أو قصة آلان مور التي حولت للفيلم الشهير "ثاء رمزاً للثأر".


مناقشة هذا النوع من الكتب في نادي قراءة أو مجموعة أصدقاء يضفي الكثير من الأبعاد ويضيف عمقاً جديداً للكتاب. على الرغم من تباين الآراء وتفاوتها، فقد كانت مناقشة "حرب الكلب الثانية" في نادي الكتاب الصغير الذي أنشأناه مناقشة مثرية ومليئة بوجهات النظر والاسقاطات والاستقراءات (السلبية للأسف) للمستقبل.








هناك 5 تعليقات:

  1. شكرًا للمراجعة الثرية
    اشتقنا لإطلالتك :)

    ردحذف
  2. أنا رأيي في إبراهيم نصر الله (الروائي) غير إيجابي ولي تجربتان غير رائعتين معه!
    كناقد أنا أحب قلمه.. وبعنف!

    ربما إن قدرت سأقرأ هذه، مع اني متشكك من كل جائزة البووكر العربية وحيثياتها!

    ردحذف
    الردود
    1. والله يا هيثم كثيرون يشاركونك التشكك بالجائزة
      كان في - شبه إجماع - (بالمناقشة الصغيرة على الأقل) انه الجائزة حتى يمكن اعتبارها مؤشر سلبي.

      إبراهيم نصر الله (الروائي) : تجربتي مع "زمن الخيول البيضاء" كانت إيجابية، وحبيت "الجنرال لا ينسى كلابه"
      "حارس المدينة الضائعة" كانت نص نص بالنسبة إلي ..
      بس برضه بحب أقرأ أعمال ثانية .. ايش الأعمال يلي قرأتها وما حبيتها هيثم؟

      حذف
  3. الرواية الفائزة قد تكون مثار للغط وجدال كثيريْن.
    ولكن القائمة الطويلة قد لا تكون مؤشرًا -بالضرورة- على السلبية. لا أدري! ولكن انسحاب أكثر من شخص من لجنة التحكيم + آراء مختصين ونقاد من خارج الجائزة حول الروايات الفائزة كل سنة (تقريبًا) يجعلنا نشكك مع أن مفهوم الذائقة صعب تأطيره وقياسه.

    على كلّ، زمن الخيول البيضاء + قناديل ملك الجليل لم أستسغهما ولم أنه الأولى أصلًا!

    قرأت بشكل متقطع شرفة العار وأيضًا للآن لم أنهها!

    ردحذف

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...