بائع الورد


من الطبيعي أن تكتسب مهنة بيع الزهور تلك الهالة الرومانسية الحالمة. كيف لا وهي مرتبطة بالأزهار والورود، وتقترن بمشاعر لطيفة كالفرح بقدوم مولود جديد، أو لتزيين الأعراس والمناسبات الاجتماعية، وحتى الاعتذار ولبث السرور في قلب من يتلاقها.
بعد أربع تجارب مريرة خلال الشهور القليلة الماضية، أعرب عن قلقي (بان كي مون أحسن مني؟!..)  بخصوص اختيار العاملين في هذا المجال!


باستثناء بائعي الزهور على الاشارات، فإن من اضطررت للتعامل معهم كانوا باعثين على الكآبة وقتلوا رومانسية الموقف بشكل سافر ودون أن يرمش لهم جفن.
تخيلوا فرحتي عندما علمت أن أحد صديقاتي المقربات منذ أيام الطفولة أنجبت طفلها الأول، أو عندما رافقت صديقتي المقربة لنوصي على "مسكة العرس" وعندما مررت يوم الزفاف لاستلامها وإيصالها للعروس، أو عندما قررت أن أدخل السرور على قلب جدتي التي لم أزرها منذ وقت طويل.
في كل تلك المواقف، كنت ذاهبة وأنا أشعر أن علي ارتداء فستان وردي وإحضار سلة قش وتشغيل موسيقى فرنسية في الخلفية (متأثرة طبعاً بدعاية عطر مس ديور الذي أخرجته صوفيا كوبولا). لكني في المقابل قوبلت بوجوه عابسة، وتنهديات تضيق باقتراحاتي لاستخدام ألوان معينة في الباقة التي اخترتها، أو مجادلات لإقناعي بأن التنسيقات التي تم تجهيزها منذ مدة أجهل طولها ليست ذابلة وأن أسعارها المبالغ بها مبررة.


حاولت أن أبدي تفهماً وأن ألتمس لإخواني بائعي الأزهار سبعين عذراً. هل ظروف العمل قاسية؟ هل ساعات العمل الطويلة والرواتب المتدنية والزبائن المتطلبون هم السبب في رداءة المعاملة؟
لماذا بائعو الخضراوات والجزّارون والعاملون في محلات أدوات السباكة أكثر لباقة وأكثر كياسة من بائعي الأزهار النزقين الذين اشتريت منهم?! تجدر الإشارة إلى أن هناك واحداً من بائعي الأزهار تعاملت معه مرتين، أي ما احتمالية أنه كان يمر بيوم سيء في كلا اليومين أم أنه حظي العاثر؟
في سياق مختلف، عملتُ في وظائف كان فيها احتكاك مباشر مع جمهور من مختلف الشخصيات والأعمار، وبالطبع بحكم أني بشرٌ أيضاً، كانت تمر علي أيام عصيبة، لكن مع الزمن ومع قليل من الخبرة العملية فإني أعرف أن المرء يستطيع أن يكتسب تلك القدرة على فصل مشاعره عن من يتعامل معهم بالأخص في سياق عملي يتطلب منه أن يكون محترفاً ومهنياً. لا داعي لابتسامة مفتعلة أو اصطناع مرح مزيف لكن على الأقل حد أدنى من الاحترام.


لن أعزف عن شراء الورود بالطبع، سأبقى أبحث عن بائع أو بائعة الورد المثاليين. كما أن خسارة عملية شراء الأزهار طابعها الوردي الأنيق أمر مستعصٍ وأصعب من أن يتم بعد عدة زيارات غير موفقة لأماكن لن أفكر بالمرور عليها في المستقبل.
فاحتضان باقة من الزهور يشبه معانقة الأطفال التي فيها شفاء للبالغين قبل أن يشعر الصغار بحب من يحاوطهم. وبغض النظر عن البائع فإن العيون الضاحكة التي تستقبل الباقة وحاملها كفيلة بجعل الأمر يستحق.


الصور من الأرشيف - رحلة ألمانيا صيف ٢٠١٥

هناك 12 تعليقًا:

  1. 1- Googling that ad
    2- instead of two for 9 Euros, I'll get her shawirma
    :P

    Okay, enough silliness, I think it is boredom Rawan, mostly that.

    I know one floweriest back home that I shall never ever get flowers from any1 else. He is a poet, a newspaper columnist and have some other day jobs but he does that out of passion, he started that business with his brother and been in it for 20 years if not more!

    The way he talks about flower is just.. nice. He is one of the positive people in my life and u just made me miss him + his stylistic flower arrangement!

    :)

    thx!

    ردحذف
    الردود
    1. يا سلام!! :))) طيب دلنا علينا! خلينا نعتمده كمان وندل يلي حوالينا ^.^ لازم ندعمه
      ما شاء الله .. يعني صراحة هاي المواصفات فرنسية على الآخر ،، الله يكثر من أمثاله

      حذف
  2. دلنا علينا!

    good morning :DD


    he is in Zerqa
    *haitham is being blocked*

    :@

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسامحك هيثم :/ ليش بلوك؟ طيب وين المشكلة..؟
      ما بتعرف، بلكي على طريقنا صحّ لنا نمر عليه ما أنا عم بروح على المفرق والأزرق من طريق الزرقاء على فكرة
      بعيد شخص بهالمواصفات بيستاهل المشوار :)

      حذف
  3. قصدت ل(معظم) من سيقرأ :)

    *فشل مشروع النغاشة*
    -------------

    للأسف لا أذكر اسم محل الزهور ولكنه ليس صعب الوصول بصراحة. ولكن هناك بضعة محلات بجانب بعضها البعض في ذلك الشارع

    *هيثم تحمس وكمان شوي حيجيب العنوان بالتفصيل من أخوه ويضعه هنا!*

    ردحذف
    الردود
    1. هاهاها .. لا لا .. لم يفشل
      خلص مش مشكلة، اذا مش على شارع رئيسي وفي دخاليج انسى، خلص بلاش نغلبك ونغلب أخوك

      عموماً شكراً على المرور والتعليق، والحمد الله انه في بالبلد من أمثال صديقك الشاعر الكاتب محب الزهور :)

      حذف
    2. :)
      لا العنوان مش صعب بصراحة.
      جنب فرع البنك العربي
      شارع باب الواد
      حي الحسين
      بمنطقة وسط البلد

      u made me smile a lot today
      :)

      حذف
  4. تعرفي إن من ضمن الشغل اللى نفسي أمتهنه
    هو إمتلاك محل زهور
    عشان يكون نيتى مع كل بوكيه
    هى إدخال السرور على القلوب :)
    وصورك حلوة كالعادة :)

    ردحذف
    الردود
    1. يا الله .. عن جد تخيل انه بائع أو بائعة الورد يستحضروا نية إدخال السرور على قلب المشتري والمتلقي ..! فعلاً بتكون مهنة كلها ثواب :)
      كالعادة .. سعيدة بمرورك وتعليقك محمد :)

      حذف
  5. يا الله يا روان كأنك ضربتي عالوتر الحساس! دائماً بستغرب جمودهم حتى وهمه بيعملوا باقة الورد
    وجه من دون أي ملامح!
    ملاحظة: الصورة رهيييييبة ^_^

    ردحذف
    الردود
    1. هديل! :) مرورك وتعليقك بفرحني كتيير!
      سعيدة جداً انه عجبوكي الصور ^.^

      حذف

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...