*تنبيه: أنت على وشك قراءة أكثر تدوينة شخصية كتبتها منذ بدأت التدوين
أبصر النور في مثل هذا اليوم أكثر شخص أحبه في هذا العالم. دعوني أعرفكم على هذه الشخصية المميزة؛ إنه أخي عبد الحميد.
عبد الحميد شاب عمره ٢٢ سنة، أقرب إلى الطول، وسيم (أو على الأقل أنا أراه وسيماً)، لا يتحدث أو يجري حوارات ولا يتواصل بشكل لفظي معظم الأحيان لكنه قادرٌ على أن ينشر السعادة بشكل لا يجاريه حتى أكبر الخطباء المفوّهين.
حميد يعرف جيداً ما هو الحب، يشارك الحب وينشره بلا قيود أو شروط وبلا حدود!
لم يكذب قط، ولم يتعمد مضايقة أي إنسان البتة. له ذاكرة مبهرة؛ يتذكر تواريخ كل الأحداث والمناسبات العائلية، ينبر العام الذي أطلقت فيه أغنية ما نبراً بمجرد سماعها. يعرف كل عواصم العالم ويمّيز أعلامها وعملاتها، يحب الموسيقى الكلاسيكية ويعرف أسماء مؤلفي المقطوعات الشهيرة. يشاهد الأخبار ويتصفح الجريدة كل صباح. يقدر شخصيات معينة ويقرأ عنها في الإنترنت ويشاهد الفيديوهات المتعلقة بها مثل وصفي التل ورجب طيب أردوغان.
ألا يبدو رائعاً؟! لكن كثيراً من الناس لا يتفقون مع ذلك، لأن حميد مختلف؛ عبد الحميد مصابٌ بالتوحد، ولأن عقله لا يتناسب مع رؤية المجتمع للعقول "الطبيعية" فهو غالباً ما يتجاهل أو يُساء فهمه.
لكني أحب أن أنظر إلى الموضوع من منظور مختلف، منظورٍ يضيء قلبي وأسعى لنشره، أن لو قبلنا أن حميد ومن هم مثله ليسوا "طبيعين" (عرّف طبيعي بكل الأحوال!) فهذا يعني أنهم استثنائيين! :)
للأشخاص الذين لا يعرفون ما هو التوحد هو عبارة عن اضطراب في الدماغ، معقد جداً، مجهول الأسباب وليس له علاج واضح، يؤثر على التواصل الاجتماعي والتعلم وفي بعض الأحيان القدرات البدنية.
أستبعد أن لا يكون مفهوم "التوحد" مألوفاً لعدد كبير من الناس، فكل ٢٠ دقيقة هناك حالة تشخيص جديدة للتوحد. وهذا يقودنا إلى السؤال التالي: هل زادت نسبة الإصابة باضطراب التوحد مؤخراً أم أن العلم أصبح أكثر تطوراً بحيث يستطيع تمييز أعراض التوحد أكثر من ذي قبل في الوقت الذي كان يُشخص به الأشخاص المصابون بالتوحد بتشخيصات أخرى غير صحيحة أو دقيقة؟! ... لا أحد يملك الإجابة عن تساؤلات كهذه.
لا أستطيع أن أتذكر اللحظة الأولى التي واجهت فيها التوحد لأول مرة، لكني لا أتذكر يوماً بدونه.
كان عمري ٤ سنوات عندما ولد أخي وكنت متحمسة جداً لوجود كائن حي جديد في حياتي، وبعد بضعة أعوام أدركت أنه مختلف، كان مفرط النشاط، لم يلعب كبقية الأولاد، عاش حميد في عالمه الخاص وأدار ذلك العالم بقوانينه الخاصة، كان كثيراً ما يضع أصابعه على أذنه ويتحسس من الكثير من الأصوات، وجد المتعة في أمور بسيطة؛ كاللعب بالطحين أو رمي ألعابنا أنا وأخي رضا من الشباك، أو صنع الفقاقيع في المجلى بواسطة سائل جلي الصحون.
طفولتي كانت مختلفة، وكنت مدركة لذلك. شعرت بنوع غريب من المسؤولية في وقت مبكر جداً. نمت غريزتي كأخت كبيرة حتى وصلت مرتبة قريبة من الأمومة. لكني ممتنة جداً لوجوده في حياتي.
لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدون عبد الحميد، أشعر بأني محظوظة جداً لأنه أخي، فهناك الكثير من الأمور والدروس التي لم أكن لأتعلمها أو أعرفها لولا وجوده في حياتي. قيم وفضائل كثيراً ما نسمع بها كالحب غير المشروط، وعدم الأنانية والشعور بالآخر .. تبدو للسامع قيم نبيلة لكن تبيّن أنها لا تُكتسب إلا بطريقة قاسية ومؤلمة أحياناً.
كعائلة كان من الضروري تربيتنا على تحدي نظرات المجتمع، وحماية أعز أفراد العائلة من أي ضرر أو إساءة. كنا دائمي التيقّظ والانتباه، وتعلمنا أن نحترم ونقدّر كل من يتقبل عبد الحميد ويخصّه بمعاملة مميزة.
أختم هذه التدوينة بدعوة مخلصة إلى الله أن يحفظ أخي الحبيب ذا الخدود المكتنزة والعينين البراقتين وأن يُعنني على أن أكون أختاً صالحة له وأن تكون السنة المقبلة سنة جميلة لعبد الحميد مليئة بالحب والفرح والابتسام والذكريات الجميلة، وأن نتمكن من تحقيق أحلامه ورغباته التي لا نعرفها لأنه ليس لديه القدرة على إيصالها لنا، لكني أسأل الله أن يلهمني ويرشدني إليها :)
تدوينة رائعة كالعادة,صدقتِ هناك الكثير من الناس يجهلون ما هو المرض ذاته ومع ذلك ينحصرون في تفسيراتهم التي لا أصل لها من الصحة,لكل منّا حاجاته الخاصة و طريقة حياته و هُم أيضاً لهم حاجاتهم الخاصة...
ردحذفأعتقد انه يجب عليكِ المُضي في هذا المشروع المُفيد للمُجتمع في إثراء المعلومات لديهم عن أي شيء جديد في هذه الحياة قد لا يكونوا قد إطلعوا عليه من قبل.
التدوينة رائعة ,, أحسنتِ.
شكراً جزيلاً براء! :) لا تعلم كم أقدر مرورك وسماع (أو بالأحرى قراءة) أفكارك وتعليقاتك على تدويناتي.
حذفملاحظة: نشرت التدوينة قبل تدقيقها، لكني اليوم وجدت عدد من الأخطاء وقمت بتصحيحها، في حال لاحظت وتغاضيت عن ذلك أشكر رحابة صدرك وفي حال لم تلاحظ أشكرك أيضاً لأن وجود نقّاد إيجابيين مثلك يرفع من المستوى العام وهذا ما نحتاجه هذه الأيام :)
*عدداً :)
حذفحبيبييييي حمييييدووو كل سنة وهو سالم والله يخليلكم اياه واتضلي دائما جنبه وتدخلي السرور لقلبه زي ما هو بدخل الفرح لقلبك وقلوبنا جميعا
ردحذفوانت بألف خير يا هناء :) وانت معنا وجزء لا يتجزأ من المشهد صديقتي الحبيبة! :*
حذفالله يسلمك يا رب
دانا!!! :)))) شكراً شكراً ... أنا لا أستحق كل هذا :) خجّلتيني!!
ردحذفأتعلمين أنك شخص مميز جداً ومن المستحيل نسيانه :* روحك الشفافة وإحساسك المرهف بالآخرين يجعلك إنسانة رائعة أيضاً .. أنا فخورة أيضاً لأني تعرفت عليكِ
أشكرك من أعماق قلبي على متابعتك لمدونتي المتواضعة ولتعليقاتك الجميلة ومجرد الضغط على +١ :) ذلك يعني لي الكثيييييييير :))
دمتي بألف خير يا صديقتي العزيزة
وأنتِ بألف ألف خير! تسلمي يا رب
ردحذفالله يسعدكم ويخليكم لبعض :)
ردحذفشكراً يا أسيل .. الله يسعدك يا رب!
حذفسبحان ملهم العقول ومؤلف القلوب ..قصتك رسمتلي نموذج لشخص تخطى مرحلة الصبر للرضى ثم السعادة .. ماشاء الله عنك .. قلبك شوكبير .. الله يخليكم لبعض
ردحذفأنا حبيته لابو حمدي بجد
ردحذفهوه حاله جميله وأنا بحترم الأشخاص المصابين بالتوحد
لإنه عندهم قدرات تفوق الشخص الطبيعي بأجيال
سبحان الله,, الله يخليلكم ياه يارب
الله يسعدك يا أم عمر ويخليكِ :) سعيدة جداً بمرورك وتعليقك!
حذف"وكنت مدركة لذلك. شعرت بنوع غريب من المسؤولية في وقت مبكر جداً"
ردحذفI realize this u might not agree bcoz the post is about yr brother not about u
but that line is what captured me thE mOst!
u have a tender heart , thanks for sharing this. Also, thanks for doing yr part and disseminating a message! I think it is an important thing to do, and this is a good tool to do so "blogs"
happy b-day to عبد الحميد
Allah yj3al kol ayyamo / ayyamkom sa3edeh o hani2ah
Gob bless
شكراً شكراً يا هيثم!
حذفالله يخليك ويسعدك ..
فعلاً، هذا "أقل الواجب" :) في أمور لازم انه ينحكى فيها وتتناقش أكثر لزيادة الوعي. لأنه والله من تجربة شخصية؛ الناس فيها خير والممارسات الخاطئة في أحيان كثيرة بتكون عن جهل أو بدون قصد فمش غلط إنه وسيلة زي التدوين تستغل لنخلي الحياة أسهل :))
كل الشكر على المرور والتعليق!
عندي إيمان شخصي بأن العائلات التي فيها شخص استثنائي مثل عبد الحميد هي عائلات محظوظة جداً، ابنة أخي سارة لم يتجاوز الأربع سنوات و هي تعيش مع متلازمة داون و هي مصدر سعادة داخل و خارج العائلة، و بخاصة لي أنا لإنها مختلفة بالذات! و لإنها في غاية الحساسية و التعاطف مع الآخرين و الحب غير المشروط. بالنسبة لي، نحن محظوظون لأن الله اختار أن يرسل لنا أجمل و أرق أبنائه :)
ردحذفشكراً لك على التدوينة الشخصية و أرجوك استمري لأن الوطن العربي تحديداً بحاجة ليعرف أكثر عن عبد الحميد و سارة :)
كل الحب
كل الشكر على التعليق :) الفعل نحن "محظوظين"! :)) الحمد الله
حذفإن شاء الله ... سأحاول جهدي الاستمرار بالكتابة عن هذا الموضوع.
كأن هذه التدوينه قد حفظ لها مكان وحيز في مدونتك منذ وقت طويل يا صديقتي, ورغم تأخري, ولكن كل عام وهو بألف خير وسعادة وحب يملأ قلبه!
ردحذفكم أتذكر حديثنا العام الماضي مع قرب شهر التوعية بالتوحد, ورغبتك لفعل شيء...أي شيء ليبصر العالم والمجتمع عن التوحد, ويخرجوا من فقاعة التحفظ الفكري إتجاهه ليروا جانبا من التوحد يحف جوانبه رحمة الخالق!
ودعاؤك في الختام ملأ قلبي حبا, آمين ثم آمين!
:')))
حذفتدوينة اكتر من رائعة روان و انت و عبد الحميد بركة على بركة والله ..بحبكم الاتنين مع بعض و يخليكم للوالد و الوالده يا رب و كل عام و عبود بالف خير
ردحذفقبج
شكراً قبج :* احنا بنحبك كتير! انت وعائلتك الجميلة
حذفقرأت مقالتك عن كتب الاطفال عن الاحتياجات الخاصة. لازم تكتبي انتي كتب الاطفال بنفس لغة الحب والتقدير اللي كتبتيها هون عن اخوكي.الإعاقة مصطلح اندثر. كثير في ناس عندهم أطفال ذوي احتياجات خاصة لازم نبعث فيهم الأمل مش نحبطهم. واحنا صغار كان في قريبنا عنده شلل رعاشي، كنا نطلع معاه والأطفال ياشروا علينا ويضحكوا واحنا نبهدل وأخته تسكت. بفكر مرات انه لسا معقول هاي الأشياء لسا بتصير. بس اللي كانوا يضحكوا كبروا وصار عندهم أطفال وربوهم على تفكيرهم.
ردحذفشكراً جزيلاً على المرور وعلى التعليق الدافئ واللطيف
حذفبتمنى بيوم من الأيام أكون مؤهلة لكتابة قصص أطفال عن ذوي الاحتياجات الخاصة لانه فعلاً الموضوع بيعني لي واله بُعد شخصي :)
وشكراً لمشاركة قصة قريبكم .. يا رب تكون أموره تمام هلا
وأنا كتير سعيدة انكم كنت تبهدلوا الأطفال المغفلين .. يمكن هاي الأشياء لسه بتصير للأسف الشديد
لكن للأمانة الوضع عم يتحسن والناس فيها خير ،، شوي وعي وبإذن الله رح يزيد التقبل والتفهم والدمج
كل عام وعبد الحميد بخير وعافية! جعل الله أيامكم القادمة سعادة استثنائية كشخصكم ;)
ردحذفشكراً فداء عزيزتي :) وانت بألف خير يا رب .. آمين أجمعين
حذفالله يخليلك أحبابك
السلام عليكِ روان
ردحذفمقال دافىء وحنون شكرا لمشاركتك عن عبد الحميد الجميل ذو السمحة البهية، لطالما تسألت في نفسي من يكون عندما ارى لك بعض الستوري على انستغرام.
أرجو له ولكم كأسرة أيام وذكريات جميلة مليئة بالحب والسلام.
يوم ميلاد سعيد عبد الحميد
وعليكم السلام ورحمة الله، أهلاً زينب
حذفشكراً جزيلاً لك على الكلمات اللطيفة. الله يجزيك الخير
الله يرضى عليك ويحفظه
ردحذفالله يسلمك. شكراً جزيلاً
حذفما شاء الله ربنا يبارلكم فيه ويخليكم لبعض :) مشاعر رقيقه جدا حفظكم الله
ردحذفالله يحفظك ويخليلك أحبابك
حذفشكراً شكراً
🤍 الله يخليكم لبعض 🕊 اسعدني قرأت مقالك ❤️
ردحذفشكراً جزيلاً
حذفسعيدة انه المقال أعجبك :)
كُل عام وهو بخير وصحة وسلامة وعافية يارب العالمين 💞 ما بتتخيلي روان كم ابتسامه رسمتي على وجهي منذ بدأت قراءة المقال الجميل جداً 💜 اضأت لي بقعاً معتمه لم أعلم انها موجودة أساساً. شكراً على هذا المقال الرائع ككاتبته 💜
ردحذفوانت ومن تحبين بصحة وعافية وسلامة صدر يا رب :)
حذفشكراً ريم على التعليق اللطيف! سعيدة جداً انه رسم الابتسامة على وجهك وأسعدك (وأنت أسعدتني جداً بكلماتك الدافئة)