إن خطورة مشاكلك وجهة نظر



لبعض الأسباب الغريبة يعتقد الناس بأغلبيتهم الساحقة أن مشاكلهم أخطر مما هي عليه. وقد تكون واحداً منهم (أنا كنت واحدة منهم سابقاً) فمن السهل الوقوع في فخ التفكير بأن كل من في هذا العالم يتعم بحياة أسهل من حياتك، كما يشير سقراط: " لو أن محننا مكدّسة في كومة مشتركة ويجدر بكل واحد أن يأخذ حصة متساوية منها لكان معظم الناس راضيين بأخذ حصتهم والمغادرة."


أتعتقد أنك ومشاكلك بغاية الأهمية؟ إذاً تذّكر أن العالم بأكمله مؤلّف من ستة مليار بشريّ آخر ونصف المليار. فقد تبدو مشاكلك حقيقية ومهمة لك – وهي كذلك نوعاً ما – لكن صدق أو لا تصدّق؛ معظمها بلا أهمية.

إن إدراكك قد يكون مضللاً جداً عندما تتعلق المسألة بوضع حياتك، إذ من السهل جداً أن تركّز على مشاكلك إلى حد أن العالم الرائع من حولك قد لا يبدو موجوداً. وأحد أسباب مواجهة الناس صعوبة في التعاطي مع مشاكلهم أنهم لا يتوقفون ليتساءلوا عن مدى خطورتها الفعلية، فمعظم مآزقنا كما نراها ناجمة عن أمور صغيرة سارت على نحو خاطئ، وما هي بكافية لتبرر الغضب أو الاكتئاب.

جميعنا نبالغ من وقت لآخر، إذ أن عقولنا تميل إلى تضخيم الأمور والأحداث السلبية على حساب سعادتنا وهنائنا. اللافت هو عدد ما مررنا به من أحداث ومواقف في الماضي بدت بالغة الخطورة لكن أهميتها خفتت الآن إلى حد أنها أمست بلا أهمية. فهذه الأحداث والمواقف لم تكن مهمة قط. كما أن المشاكل التي تسلبك النوم اليوم ستضحي بنفس الأهمية في سلم أولويات الحياة أي بلا أهمية مطلقاً. ففي غضون أيام قليلة ستتساءل لمَ أهدرت وقتك وطاقتك في القلق بشأن أمر تافه إلى هذا الحد.

وإذا ظننت أنك تعاني من مشاكل كبيرة وكنت تبحث عن مشاكل أكبر ستجد الكثير منها حتماً. لذا فعوضاً عن تعريض نفسك لانهيار عصبي عندما يطرأ موقف صعب انظر إلى الأمر في إطاره الصحيح، فإذا وجدت نفسك بلا وظيفة فما من شك أن هذه مشكلة من نوع ما. لكن بالمقارنة مع حال شخص يقيم في الهند ويضطر إلى قضاء اثنتي عشرة ساعة في اليوم بحثاً عن الماء والطعام كي يعيش يوماً إضافياً، فإن مشكلة عدم توظيفك مسألة حسنة تماماً.

من السخف أن تشعر بالشفقة على نفسك بسبب مشاكل عادية ، إذ حتى الإخفاق في الأمور "الكبيرة" في حياتك ليس شبيهاً بالمآسي. فإذا شئت أن ترى مشاكل كبيرة بحق ، وهي فعلاً مآسٍ، شاهد أخبار العالم على التلفاز لما يناهز العشر دقائق. ليس الهدف من ذلك أن تستمد الراحة من مآسي الآخرين بل أن تضع مشاكلك وحالتك في إطارهما الصحيح.

وللتقليل من مشاكلك، توقف وانظر للصورة ككل، فعندما تضعها في إطارها الصحيح تستطيع أن تبدو كنِعَم. تأكيداً على هذا الأمر لاحظ ريتشارد باخ قائلاً: "ما من مشكلة تأتيك بلا هدية بين يديها، وأنت تسعى وراء المشاكل طلباً لهداياها."  


**التدوينة من كتاب إيرني زيلنسكي "فكر أكثر تنجح أكثر - ١٠١ فكرة للنجاح في كل شيء"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...