أن تكون مُدَوّناً

نعيش في مجتمع التسميات والألقاب فيه مهمة، والكلمة التي تسبق اسمك يجب أن يكون لها وقعٌ رنّان حتى تشعر بالرضى عن نفسك (أو بالأحرى حتى يُشعرك من هم حولك بالرضى عن نفسك - *للأسف!*
"الدكتور"، "المهندس"، "الأستاذ"، "المدير"....
فالمسمّيات الوظيفية تحتل حيزاً كبيراً في قلوب الموظفين، ومن المضحك أن كثيراً ممن هم في جيلي أو من كانوا زملائي في الجامعة، كانوا متلهفين لوضع مسميات وظيفية رنّانة كل على حسابه في مواقع التواصل الإجتماعي بعد التخرج، وأحياناً تكون تلك المسمّيات غير منطقية؛ كيف يمكن لشاب تخرج منذ أقل من سنتين أن يصبح مديراً؟!
حسناً...الموضوع لا يعنني كثيراً فسواء كانت قدراته خارقة بالفعل واستطاع بفضل ذكائه الحاد أن يخترق السلم الوظيفي صعوداً في وقت قياسي أو كان يضحك على نفسه قبل أن يضحك على الآخرين هي حياته وهو حرّ بها ولا يؤثر ذلك على أحد سواه.

لكن تلك المسميات تحصل عليها من شهادتك أو وظيفتك...ماذا عن الألقاب التي تطلقها على نفسك؟ أم أنك غير مؤهل للقيام بذلك وإنما عليك انتظار شخص ما لإطلاق مُسمّىً عليك؟

منذ فترة طويلة وأنا أفكر بالموضوع.

ربما ينحصر هذا الموضوع أكثر في العلوم الإنسانية كالفنون والآداب بمختلف أنواعها أو المجالات التي تتخذ طابعاً إبداعياً. فمثلاً من يقرر أن إنساناً ما "فنان" وآخر "كاتب" وأخرى "ناشطة"؟

عندما يسألك من حولك عما تقوم به في الحياة ماذا تذكر وماذا تغفل؟
أميل لأن أذكر الإجابات النمطية التي تسهل على الناس تصنيفي في خانة داخل رؤوسهم، فقد أكتفي بقول "طالبة" أو "موظفة" وأغفل جوانب أخرى من حياتي أكثير أهمية بالنسبة لي ولوجودي وتعنني أكثر وأقضي وقتاً أكبر وأنا أقوم بها.
أعني لدي العديد من الأحلام بأن أصبح مُصّورة محترفة، ومُصممة جرافيكية، ومُدّونة وناشطة في عدد من القضايا التي تهمّني وتأخذ حيزاً من تفكيري..لكن متى أستحق الحصول على لقب أحد تلك الأحلام؟ ما الذي يتطلبه ذلك؟
المحاولة أولاُ، الإصرار والمثابرة ثانياً، التطوير المستمر ثالثاً...وماذا أيضاً؟ النجاح؟ وما هو مقياس النجاح في أمور كهذه؟ بالطبع لن يكون دخلاً مادياً ولن يكون شهرة واسعة..ماذا إذن؟

التدوين يعني لي الكثير في الواقع، فمجرد وجود عدد من الأشخاص الذين لا أعرف غالبيتهم المهتمين بعالمي والذين يقومون بالإطلاع على مدونتي من وقت لآخر والتعليق بشكل غير دوري يمدني بشعور رائع لا يوصف. لكني لست متأكدة بعد من أنني أستطيع أن أقول عن نفسي "مُدونة".


هناك 5 تعليقات:

  1. ايوة يختي...تقدري تقولي كدة.. انت المدونة روووووري الجمييييلة :) :)

    ردحذف
  2. great ya em el roooooor :)

    ردحذف
  3. كلام جميل

    أكثر من مرة ندخل بنقاشات مثل هذه ..

    المهندس فلان .. الدكتور فلان

    أو حتى أبو فلان .. الأستاذ ..

    التقدير و الاحترام حلو و لكن أن يزيد عن مداه (و أقصد بالزيادة هنا أن يطلب الشخص أن ينعت بمسمىً ما لأنه يشعره بالتفوق أو حتى الأمان "السايكولوجي على الأقل") شيء مؤسف بل مدمّر!
    للذات (على المدى البعيد) و للآخرين من حولنا + علاقاتنا معهم على المدى القصير بل و اللحظي (و كذا البعيد)
    -----
    أنا أنطلق من رأي ذاتي أكيد و لا أدعي المثالية

    لن أمجّد و أعظم حياة غربية أو ثقافة على حساب أخرى أو ما شابه و لكن كمثال أعيشه:
    مشرفا رسالة الدكتوراه يرفضان (و بإلحاح) حتى أن أناديهما باسم العائلة
    التعامل إنساني و لا يشير استخدام الاسم الأول في التخاطب فارقًا!

    نحن في أسرنا حتى و ليس مع محيط أكبر لا نستطيع -غالبًا- فعل ذلك!
    -------
    من وقت ما حصلت على قبول من جامعة هنا بأسكتلندا و قبل السفر و الأقارب و الأصحاب ينادونني و يخاكبونني بالدكتور! أو دكتور المستقبل!

    لا يجوز مدح النفس و لا حتى الإشارة لذلك (برأيي) و لكن تخانقت مع أكثر من شخص (قلبت جد يعني بالعامية) على ذلك!

    ما أحزنني أكثر شيء هو أن كثيرين من الخواص (الأصحاب خصوصًا) و من كنت اظن أن هناك توافقًا على مدى كبير بيننا كانوا من أشدّ المتخاصمين بالمسألة!

    *** يا الله قد ما بحكي! :)



    ردحذف
  4. الألقاب مثل دكتور ومهندس فعلاً .. بس أحيانا بشعر انه في نوع من أنواع الاحترام لازم يكون موجود .. واللقب ما بيكون مرتبط بالفوقية قد ما هي الاحترام الودي.

    وأنا أيضاً لن أعظم ثقافة على حساب أخرى، بس برضه عندي مثال للمشاركة:
    في تركيا هناك دائماً ألقاب حتى بين الأخوة، فالأخ سواء كان أكبر بعام أو ١٥ عاماً ينادى "آبي" Abi والأخت الكبيرة "آبله" Abla
    والحقيقة أنا أجدها مستساغة بل وفيها شيء من الود :)
    في المشي في السوق أو المواصلات العامة عند مخاطبة من هم أكبر بالسن يستخدم الناس ألقاب كتلك ولا تكون رسمية مثل هانم أو أفندم ..
    أرى فيها حميمية
    وبالمناسبة أحسن من عمو وخالتو لأنه الناس لا تحب أن يشعرها أحد أنها أكبر في العمر

    الهم....
    الألقاب الوظيفية سيئية إذا ارتبطت كما أشرت بحاجات الأمان السايكولوجي :)

    بس مرات ما بيزبط المناداة بالاسم حاف .. صح؟

    هل تجد في "أبو هيام" رسمية؟

    ردحذف
    الردود
    1. المسألة نسبية أكيد

      رأي أعجبني فيمن يطرح (كل) الألقاب و أهميتها بل و أيضًا التصاقها بالاحترام و العمر ... هو:

      (الرجوع لأصل الأشياء و ارتباطنا الإنساني ببعضنا كمكون أساس و أصيل هو ما يجعلني اخاطبك باسمك (حاف) أو بأي اسم تحبه و تريد أن تعرّف به)

      بصراحة أجدني في هذه الخانة! قد لا أكون مطبقًا بها بنسبة 100% و لكن بداخلي مقتنع تمامًا!

      أنا بحب اسمي :) هههههه

      و كجزاب.. بصراحة أجد أبو هيام رسمية، نعم! :)

      حذف

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...