الأتباع والهراطقة


أتوقع أن يتبادر لأذهانكم مباشرة بعض الشخصيات التي تعرفونها بعد قراءة النص التالي من كتاب "الإسلام بين الشرق والغرب" لعلي عزت بيجوفيتش:

"يوجد نوع من الناس يعجبون بالسلطة القوية، يحبون النظام ويعشقون التنظيم الخارجي الذي يشبه تنظيم الجيش، حيث يكون معروفاً من يعصي الأوامر ومن يطيعها. إنهم يحبون المناطق الجديدة التي ألحقت بالمدن، حيث تقام منازل متشابهة في صفوف متراصّة ذات واجهات موحدة. ويحبون الزي الرسمي الموحد وفرق موسيقى الجيش، والعروض و الاستعراضات .. وغيرها من الأكاذيب التي تزّين وجه الحياة وتجعلها أكثر قبولاً. إنهم بصفة خاصة يحبون أن يكون "كل شيء طبقاً للقانون". هؤلاء الناس يتمتعون بعقلية الأتباع .. إنهم ببساطة يحبون أن يكونوا أتباعاً. فهم يحبون الأمن والنظام والمؤسسات، والثناء من رؤسائهم، وأن يكونوا موضع عطف منهم، وفوق ذلك، هم مخلصون مسالمون أوفياء، ومواطنون ذوو ضمائر حية. يحب الأتباع أن تكون عليهم سلطة، ويحب أصحاب السلطة أن يكون لديهم أتباع. فهم جميعاً متوافقون كأنهم أجزاء من كل واحد.



ومن ناحية أخرى، يوجد أناس أشقياء ملعونون، في ثورة دائمة ضد شيء ما، يتطلعون إلى شيء جديد على الدوام. إنهم قليلاً ما يتحدثون عن الخبز ولكنهم يتحدثون عن الحرية كثيراً، ويتحدثون عن السلام قليلاً وعن الشخصية الإنسانية كثيراً. ولا يقبلون فكرة أن الملك هو الذي يمنحهم مرتباتهم، وإنما على العكس، يزعمون أنهم هم الذين يطعمون الملك (ليست الحكومة التي تعولنا، وإنما نحن الذين نعول الحكومة). هؤلاء الهراطقة الخارجون لا يحبون السلطة ولا تحبهم السلطة. في الأديان يوقر "الأتباع" الأشخاص والسلطات والأوثان، أما عشاق الحرية المتمردون فإنهم يمجدون الله فحسب."


هناك 3 تعليقات:

  1. من الكتب المؤثرة والمغيّرة في التصورات إلى حد بعيد كتاب علي عزت بيغوفيتش.
    لن استرسل مع حديثي عن هذا الكتاب لأني لا اريد ان ينتهي الحديث بكلمة نقد يُفهم منها عدم تقديري لمجهود الكاتب. لكن هذه عادة اي قارئ، هو دائما غير راضٍ تماماً. ويقول في نفسه دوماً بعد أي كتاب جيد يقرأه "لا بد هناك من بقية":)

    يسعدني أن أكون من المتابعين الدائمين لسلتك يا روان. لاحظت في زيارتي هذه أن كتاب "تربية المقهورين" أو Pedagogy of the oppressed قيد القراءة.
    أنا حالياً أنتظر بفارغ الصبر ما ستقتطفينه من هذا كتاب. لأنه وكما خبرته، ليس أبداً بالكتاب الهيّن السلس.

    بالتوفيق :)

    ردحذف
  2. آهلا صهيب! :)
    كل الشكر على المرور والتعليق ^.^ متابعتك المدونة شرف كبير والله

    أوافقك الرأي انه القارئ متطلب ونهم .. ودائماً عنده توقعات
    جديد لاحظت اني على ال Goodreads بخيلة بالنجم '^_^ ما كنت آتخيل حالي قارئة صعبة الإرضاء بس مع الوقت بترتفع المعايير لا إرادياً و بنصير نتذوق اللغة ونحكم على المحتوى بشكل متطلب أكثر ..

    تعليم المقهورين يا سيدي كتاب دسم وجميل ،، أعترف انه الثلث الأخير أشعرني بشيء من الملل
    لكن القسم الأول منه كان جميل لدرجة انه الصفحات كاملة كنت أخططها .. فكرت باقتباسات للمدونة لكني شعرت أني سأظلم الكتاب لأن الآفكار كثيرة ومتسلسلة ..

    في كتب بقول لأصدقائي انها "مقرر إجباري" مجازاً .. انه يجب قراءتها مثل الهويات القاتلة لأمين معلوف مثلاً
    "تعليم المقهورين" انضم بجدارة للقائمة :))

    ردحذف
  3. مزبوط كلامك. الأقسام الأولى كانت زاخرة بالافكار الجديرة بالمشاركة، أنا واجهت صعوبة بالغة في اقتطاع بعضها للنشر على شبكات التواصل. ثم تركت الفكرة لذات السبب الذي ذكرتيه.

    أنا أضيف هذا الكتاب أيضا "الاسلام بين الشرق والغرب" لقائمة المقررات الاجبارية التي ذكرتيها .

    شكرا روان على الرد اللطيف.
    احتفاءك بزوار المدوّنة واحدة من اسباب نجاحها. بتمنالك التوفيق في اختيار الأجمل والأثرى بالفائدة.

    ردحذف

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...