الاستخدام الخاطئ للانستجرام

حسناً، لنضع الأمور في نصابها: التدوينة التالية شخصية ولا تعكس إلا آراء كاتبتها، ففي النهاية ما هو الاستخدام المثالي لمواقع التواصل الاجتماعية المثيرة للجدل؟!
الجميع يشعر أنه يستخدمها للاطلاع والتواصل مع الأقارب والأصدقاء البعيدين ومعرفة ما يحصل في العالم، ولا أحد يعترف أن بعض مشاركاته وصوره تكون أحياناً باعثة على الغثيان أو "تضرب على عصب" الآخرين.

تجدر الإشارة إلى أنه من المثير للاهتمام كيف يشعر مستخدمو "تويتر" على سبيل المثال، أنهم أوعى وأرقى فكرياً من مستخدمي "الفيسبوك". والمتتبع لتغريدات "المغردين" النشيطين يرى بعض التهكم على المستخدمين الجدد لتويتر "المهاجرين" على حد تعبيرهم من فيسبوك والذين لا يستخدمون تويتر جيداً (مجدداً ما هو الاستخدام الأمثل ومن قال ذلك؟!)
وهل تعرفون أن  هناك انطباع سائد مفاده أن " تمبلر" منصة للمدمرين عاطفياً ومن لديهم مشاعر مكبوتة لا يستطيعون أن يعبروا عنها في أي مكان آخر؟ في الوقت الذي لا يزال فيه "لينكد إن" لغزاً لا أحد يعرف كيف يمكن استخدامه بشكل فعال ينمي الحياة المهنية ويجعل الباحثين عن عمل يجدون وظيفة أحلامهم.

شخصياً - وكما عبرت في تدوينات سابقة  - أميل لتطبيق الانستجرام. أجده منصة لطيفة لرؤية الحياة اليومية بعيون (أو بالأحرى بعدسة) أشخاص لطيفين ومثيرين للاهتمام حول العالم. من خلال انستجرام تعرفت على العديد من أصدقاء المراسلة، ورأيت عشرات السيارات القديمة المركونة بتلقائية في شوارع لندن، وموائد شهية في عيد النيروز في أصفهان وطهران، وصور خلابة لمناظر طبيعية لصديقة تعيش في سويسرا. لولا هذا التطبيق ما كنت لأتعرف على سيدة أربعينية لديها محل أزهار في الولايات المتحدة، أو سيدة إيطالية لطيفة متزوجة من إيراني وتسكن قرب الشاطئ مع ابنها الصغير الوسيم التي جمعت ملامحه أجمل ما في والديه.

فعندما أكون هاربة من زيف الحياة السعيدة الرغيدة لمن أعرف ومن لا أعرف في الفيسبوك، ولا أمانع البتة في متابعة غرباء (يتحولون لأصدقاء مع الزمن) في بلدان مختلفة لا أعرف إن كنت سأصل إليها يوماً ما على انستجرام، بالطبع فإن مشاهدة بعض الصور "الفيسبوكية" على الانستجرام بشكل متكرر ومتزايد سيقودني إلى الجنون.

أرجوكم سامحوني ولا تأخذوا إلغاء متابعتي لكم على نحو شخصي في حال كنا نستخدم نفس التطبيق لغايات مختلفة. أنا أرى فيه واحة فنية ملهمة تمدني بالطاقة, والممارسات التالية لا تتفق مع رؤيتي المتواضعة:

١. الذهاب في رحلة أو زيارة أو طلعة ومشاركة كل. الصور. خطوة. ب. خطوة.

لا تتخيلوا أن التقاط ١٠ صور لنفس المنظر سيثير اهتمامنا وأننا سنعجب بالصور العشرة!
إذا كنا سنقرأ ما بين السطور، فللأسف مشاركات من هذا النوع ستعطينا عدة انطباعات أبرزها:
أ. مشارك هذه الصور لا يعيش اللحظة وإنما مدمن على هاتفه الذكي ولديه هوس مبالغ به بالتوثيق.
ب. مشارك هذه الصور لديه مشكلة في اتخاذ القرارات (لو كان ذلك غير صحيح كان اختار الصورة الأجمل بنظره وخلصنا)

٢. التقاط صور شخصية (سيلفي) للأبد
**أشعر بالحرج في مشاركة الصورة التجميعية التالية، لكن لا بأس لتعم الفائدة وفي سبيل نصح الآخرين

نلاحظ في الصور السابقة أنه لا مغزى من احتواء حساب كامل على صور أخذت بالعدسة الأمامية للهاتف كون أبعاد الوجوه تبدو غريبة. وفي حال لم تبدو الأبعاد غريبة ومضحكة فإن ذلك يعني أن صاحب الصورة تدرب مئات وربما آلاف المرات على الوضعية المناسبة وهذا بحد ذاته مثير للشفقة. فهو يعني أنه ليس لديه أصدقاء يلتقطون له صوراً توثيقية وأنه يبتسم بشكل مفتعل، ويشعر أن جميل جداً لدرجة أنه فخور بمشاركة عشرات الصور الشخصية وكلها بوادر لاضطرابات نفسية مقلقة.
نصيحة .. حتى وإن كانت الإضاءة مثالية، وبشرتكم تبدو صافية أو عيونكم تبدو لامعة .. مهما تقطعت بكم السبل تجنبوا مشاركة صور فردية في السيارة.


٣. مشاركة حكم وأقوال وعبر واقتباسات عاطفية عن التمسك بالحبيب او المضي قدماً في الحياة

مهما كان الاقتباس جميلاً، أو العبارة معبرة عن حالتكم النفسية، رجاء لا تشاركوا حكم الحياة في عبارات جامدة مكتوبة. هناك أماكن مخصصة لهذه المشاركات. شاركوها على تمبلر، أو Pinterest أو حتى فيسبوك وتويتر، لكن ليس على انستجرام.

٤. الأسوأ هو جمع ما سبق (نقطة ٢ ونقطة ٣)  في صورة واحدة
 أي صورة شخصية - سواء مع ابتسامة، أو نظرة جدية، أو مقطع جانبي مع نظرة للأفق -  وحكمة من حكم الحياة. عندما أرى ذلك أرغب أحياناً بالتعليق على الصورة ب "#الرحمة"!!! لكني أستهدي بالرحمن وأكتفي بإلغاء المتابعة.

٥. استخدام أحد الوسوم التالية:
-  الاسم الشخصي لصاحب الحساب: لا تجعلوا من أسمائكم وسماً. نقطة انتهى.
- #blessed#  #beauty #beautiful #handsome #hot #LoveHim : هذا سيقلب معدة المشاهد وسيشعره بالامتعاض.

الآخرون لن يقولون لكم ذلك في وجوهكم (لكنها للأسف مادة دسمة للنميمة وراء ظهوركم)، سأخاطر أنا على الرغم من أنه من السهل جداً أن يساء فهمي أو يُنظر إلي على أني حاسدة أو حاقدة، لكن حرصاً على المصلحة العامة فإني سأنطق الجوهرة: المفروض أن المشاعر الحقيقية أسمى من أن تختزل في صور تشارك مع عشرات الأشخاص الذين لا يكترثون البتة إن كنتم وجدتم نصفكم الثاني، أو توأم الروح لذلك لا داعي لأن تعبروا لأزواجكم وأحبائكم عن مشاعركم الفياضة لأنه بصراحة لا يهمنا بتاتاً، وعلى العكس؛ ستبدون تافهين قليلاً لأنكم بحاجة لإثبات أمور حميمة خاصة بكم لغرباء لا يخصونكم ولا تخصونهم.

٦. المتابعون الاشباح

مصدر الصورة

من هم المتابعون الأشباح؟ من يملكون حسابات ولا يشاركون صورهم الشخصية ويكتفون بمراقبة الآخرين و تتبعهم دون أي تفاعل أو إعجاب أو تعليق. والأنكى أنهم يراجعونك بشيء من حياتك الشخصية وعندما تتفاجأ وتسألهم بتلقائية :كيف عرفتم سيقولون لك من انستجرام!
نصيحة: هذه تصرفات مثيرة للريبة تجعل من يقوم بها غريب/غريبة أطوار. صدقوني؛ إلغاء المتابعة أحب على قلوبنا من هذا التتبع غير المريح.

٧. الإعجاب بصور حسابك التي قمت بمشاركتها
لا تخجل إن لم تحصد أحد صورك إعجابات كما كنت تأمل، كن واثقاً من نفسك واعلم أن الفنون نسبية وتذوق الجمال مختلف من شخص لآخر. هناك العديد من المتابعين الذين يعودون بأثر رجعي ويغدقونك بالإعجابات على الصور التي فاتتهم. ولا تظن أن لا أحداً لن يلاحظ إن ضغطت على أيقونة القلب على أحد صورك، لا يا عزيزي ..الجميع سينتبه.

٨. مشاركة تعليق caption أسفل الصورة لأكثر من ٥ أسطر
الجرائد والخواطر والقصائد لها أماكنها، الرجاء التوجه للمدونات والفيسبوك .. انستجرام مختصر مفيد وهو ليس مهيّأ للنصوص لأن الخط المستخدم صغير، ولا يشجع على القراءة فالتركيز يكون على المحتوى البصري.

٩. استخدام صور لم تقم أنت بالتقاطها
هذا ليس عملاً اخلاقياً بالدرجة الأولى، وإن شعرت برغبة ملحة لعمل ذلك اذكر/اذكري مصدر الصورة.  مجدداً؛ هناك وسائل تواصل اخرى لمثل هذا الاستخدام مثل إعادة التدوين في تمبلر أوPinterest.

١٠. أخيراً، انستجرام ليس سيرة ذاتية
مشاركتك فقط إنجازاتك الأكاديمية، والشهادات التي حصلت عليها، والمراكز التي نلتها، وورشات العمل التي شاركت بها أمرٌ رائع وسيجعل والدتك فخورة بلا شك، لكنه ليس محتوىً مثيراً للاهتمام بالنسبة لمتابعينك. سنفرح لك في البداية وتكبر في أعيننا إنجازاتك العظيمة، لكن تلك الأنشطة الثانوية ستهم أكثر من يقابلك لوظيفة عمل وليس من يتابعك على انستجرام.