في مشوار لطيف إلى جبل القلعة نهاية نيسان الماضي، ذهبنا مع ضيوف من خارج الأردن لنريهم عمان بشكل بانورامي من مكان مُطل ومشرف.
تفاجأت بوجود عدد لا بأس به من الفتيان الذين كانوا يلعبون بطائراتهم الورقية والذين كانوا استثناءً لدى رجل الأمن المناوب من أمر "الإخلاء" على حد تعبيره، وهو المغادرة من المكان قبل الساعة السابعة. وإن فكرنا بالموضوع قليلاً فإن الساعة السابعة وقت يشقّ على الزائر المغادرة فيه، فهو يقاوم مشاهدة الغروب يلون المدينة شيئاً فشيئاً، وتعتريه رغبة عارمة في رؤية أضواء المدينة تظهر تدريجياً من نوافذ البيوت والعمارات السكنية التي تكسو الجبال المحيطة عندما يخيم الظلام.
كان "الإخلاء" لا يشمل الفتيان لأنهم أبناء المنطقة ولأن جبل القلعة فعلياً "حارتهم". فبيوتهم قريبة جداً وهو يصعدون بضعة درجات من الجهة الخلفية للحي ويجدون أنفسهم في أحد المعالم السياحية في المدينة. وبحكم ارتفاع المنطقة فإنها تكون مثالية للعب بالطائرات الورقية لوجود رياح مواتية معظم الأحيان. شعرت بافتتان وأنا أراقبهم يلعبون بكل جدية بطائراتهم الملونة التي صنعوها يدوياً. بعد الحديث معهم، تبين أن هناك "دوري" وسلسلة من المسابقات بينهم حول من يطير طائرته أعلى.
لم تكن كاميرتي معي لذلك التقطت بعض الصور بهاتفي، وفي بالي أن أرجع مع كاميرتي لألتقط صوراً أكثر احترافية لهم. فهم ظاهرة جميلة جداً تستحق التوثيق ومغرية جداً للتصوير، فالمكان الذي يلعبون فيه والتوقيت - الذي يكون عصراً قبل الغروب وهو الوقت المثالي للتصوير - بالإضافة إلى سحر شرائط الطائرات الورقية التي تتراقص مع نسائم الهواء وهي ترتفع بتحدٍ وتختلط في الأفق مع أسراب الحمام، كلها اجتمعت لتصنع مشهداً خلاباً يمكن أن يشكل هوية لمدينة عمان ولأطفالها.
رجعنا الأسبوع الماضي في تجربة طموحة لتوثيق ذكرى ربيعية سابقة على أمل أن نجد كل ما صادفناه المرة الماضية لكن تبين أننا لم نحسبها صح؛ فأصدقاؤنا كانوا يحتفلون باليوم الأول في العطلة الصيفية، ويبدو أنهم أرادوا أن يقضوا وقتهم بنشاط لا يفعلوه دائماً فنزلوا إلى وسط البلد ليشربوا كوكتيل فواكه ويتمشوا هنا وهناك.
ربما شعرنا بشيء من خيبة الأمل، لكن المشوار بحد ذاته غني بكل حال من الأحوال.
رؤية أولئك الأولاد والحديث معهم ذكرني بمقطع الفيديو هذا الذي يقارن بين ألعاب الطفولة في غرب عمان وباقي المحافظات.
لا أدري إن كان انطباعي في محله؛ لكني أرى سعادة أكبر في عيون الأطفال البعيدين عن التكنولوجيا وترف الألعاب الباهظة الثمن، وحتى أن ابتساماتهم أوسع وأصواتهم أقوى ويستطيعون أن يعبروا عن أنفسهم بشكل يبدو أكثر ثقة وتلقائية.
من المحزن أن هناك أعداداً كبيرة - ومتزايدة - من الأطفال الذين ليس لديهم "حارة" ولا يلعبون الألعاب التقليدية ويتفاعلون مع جيرانهم وأقاربهم.
عندما أرى أقاربي الأصغر سناً وأقارن بين طفولتهم وطفولتي أشعر بالأسى. إنه لعار أن يكون هناك جيل كامل من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من السادسة وحتى الرابعة عشر بأيدي غضّة خالية من أي آثارٍ للعب،ورُكبٍ بدون إصابات أو جروح طفيفة تذكر من انزلاقات عرضية في مبارة كرة قدم أو "زقطة" حامية الوطيس أو لعبة سبع حجار حماسية.
على الرغم من أننا لم نجد أصدقائنا إلا أن زيارتنا كانت موفقة. وكأن جبل القلعة دائماً فكرة جيدة. سيكون هناك دوماً طائرة ورقية - ولو واحدة منفردة في السماء - وسيكون هناك عائلات لطيفة من مختلف الأعمار التي تراقب أسراب الحمام وهي تحتسي الشاي، الأطفال الصغار الذين يركضون جزء لا يتجزأ من المشهد أيضاً، والمراهقين الذين يلتقطون الكثير من الصور في عشرات الوضعيات مع الخلفية الجميلة أو الآثار العريقة سيشجعونكم على الاسترسال في التصوير أيضاً وتجميد ذكرياتكم في صور تأخذونها معكم إلى المستقبل.
أعتقد أنكم ستتمكنون من رؤية ذلك في أي وقت تذهبون فيه.
فللأماكن طاقة، ويمكن استشعار طاقة المكان الايجابية بسهولة.
أليس هناك شيء ساحر في الأماكن المشرفة؟
misleading title, I thought u were going to talk about the book :)
ردحذفnice pics, and nice words, too, about "comparison" among generations
------------
Ramadan Kareem from Glasgow
تم تعديل العنوان حتى لا يكون مضللاً :) أضفت "النسخة الأردنية"
حذفشاكرة لمرورك وتعليقك هيثم
رمضان كريم من عمان (وفي هذه اللحظة من إربد) كل عام وأنتم إلى الله أقرب
the Rawanian version
حذف:)
الله!، كيف فاتتني هذه التدوينة؟!، جميلة بالفعل...والصور تضعك في مزاج هادىء و بعيد عن "عجقة" الحياة اليومية، الحياة ببساطتها أجمل فعلا!
ردحذففعلا مشوار جميل و يعيد التفائل لصورة البلد بالنسبة لي...لعمان كما هي.
بالفعل .. كان مشوار جميل جداً
حذفلازم نعمل كمان شطحة بنفس الإيقاع الهادي بس بمكان تاني :)