أضمن طريقة للفشل هي محاولة إرضاء الجميع

استنتج الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور أننا نتخلى عن ثلاثة أرباع أنفسنا لنكون مثل الآخرين، وإحدى الأسباب التي تدفعنا للقيام بذلك هي محاولة إرضاء الجميع. فكما هو متوقع، من الطبيعي أن يرغب البشر بالحصول على احترام واستحسان الآخرين. لكن المشكلة لا تكمن في رغبتنا في نيل احترام واستحسان عدد من أصدقائنا أو معارفنا، فما يوقعنا في المشاكل هو رغبتنا في إرضاء العالم بأسره.
وقد زعم الصحافي الأمريكي هربريت بايرد سوب قائلاً: "لا أستطيع إعطاءك تركيبة للنجاح لكنني أستطيع إعطاءك واحدة للفشل هي: حاول أن ترضي الجميع". فهذه كلمات يفترض التفكير فيها ملياً، إذ أن عدداً هائلاً من الناس يهدرون معظم وقتهم وطاقتهم محاولين إرضاء الآخرين بدلاً من التركيز على آمالهم وخططهم وأحلامهم الخاصة. فلا تكن واحداً منهم!


جوهر المسألة هو أن الإطراء والمديح والتهليل مكاسب إضافية ولا يجب أن تكون حاجة، فلا يمكن أن تنال الإعجاب والإطراء من كل من تعرف. إن قدرتك على تقبّل الاستنكار والرفض ميزة مهمة يجدر بك تطويرها، ففي النهاية لا مفر من مواجهة أناس كثيرين لن يعجبوا بك. وبتعبير آخر؛ لا يمكنك إرضاء الجميع ولا حتى شخص واحد طوال الوقت، كما لا تستطيع أبداً أن ترضي بعض الأشخاص في أي وقت.


المثير للاهتمام أن عالم النفس الإنساني الشهير أبراهام ماسلو اكتشف  أن الأشخاص في أعلى مرحلة من التطور النفسي مستعدون لاكتساب الأعداء فيما يقومون بما يصب في مصلحتهم ومصلحة العالم، فهم يدرون جيداً أنه ليس بإمكانهم إرضاء الجميع مهما بلغت موهبتهم وحاولوا جاهدين، إذ إن الرغبة في نيل إعجاب الجميع هي نوع آخر من الجشع ومن حقق ذاته من الناس لا يمكن اعتباره جشعاً.

وعليه، فإذا شئت أن تترك بصمة في هذا العالم لا تهدر وقتك الثمين بالسعي إلى نيل الاستحسان من كل من حولك، فلا يمكن أن تكون كل شيء لكل الناس. وامتنع عن محاولة أن تكون ما يريده الآخرون أن تكونه. فإذا استمريت في محاولة دائمة لإرضائهم فستشعر بالخوف والقلق والتصنع، إذ ما من شيء يوازي صعوبته تحقيق طموح الآخرين، فعلى المدى البعيد ستعاني صحتك العقلية والجسدية.


النجاح هو القيام بما يناسبنا لا ما يريده والدينا أو أي أحد آخر منا. الأهم من ذلك كله: كن نفسك. لقد علق الفنان الإسباني العظيم بابلو بيكاسو قائلاً: " قالت لي والدتي إذا أصبحت جندياً ستغدو جنرالاً، وإذا أصبحت راهباً ستضحي البابا، وبدلاً من ذلك غدوت رساماً وانتهى بي الأمر بيكاسو."

لا مفر من استقطاب كثير من الرفض وأنت تشق طريقك في الحياة، فهذا ثمن كونك شخصاً حياً وفريداً، فما يقولوه عنك الآخرون ليس تافهاً فحسب بل لا ينطبق عليك.

في سلم أولويات الحياة من الضروري أن تقرر ما المهم في عالمك وعندما تتخطى أخيراً حاجتك لإرضاء الآخرين ستختبر شعوراً مذهلاً بالرضى لأنك على حقيقتك، وستتساءل لم راوغك هذا الشعور لوقت طويل؟!

**التدوينة من كتاب إيرني زيلنسكي "فكر أكثر تنجح أكثر - ١٠١ فكرة للنجاح في كل شيء"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...