كيف تبلغ السعادة


يزعم الفيلسوف اليوناني أرسطو أن السعادة هي الشيء الوحيد الذي يرغب الإنسان فيه لمجرد السعادة، فالناس ينشدون الثروة ليس بغية الثراء وإنما السعادة، وكذلك الحال حين يرغب الأشخاص بالشهرة فهم لا يريدونها ليصبحوا مشهورين بل لأنهم يعتقدون أنها ستمنحهم السعادة. ويرى أرسطو أن السعادة هي أشد ما في صالحنا لذا نتمناها وننشدها.
والسعادة سواء كتجربة أو كموضوع لأمر يُطمح إليه ويُعلّق عليه الآمال إلى حد بعيد منذ فجر التاريخ، وهذا يعكس ما أولاه البشر وما برحوا يولونه من أهمية للسعادة. لكن قطعاً للقادة الروحيين والفلاسفة وعلماء النفس وخبراء الاقتصاد آراء مختلفة عن طبيعة السعادة وكيفية بلوغها.

من المؤكد أنك إذا أردت أن تنعم بالسعادة وتستيقظ على جمال العالم من حولك فلا بد أن تخلق انسجاماً بينك وبين حياتك وقيمك ومعتقداتك الأكثر عمقاً. كما يجب أن تسعى وراء ما تريده بحق من هذه الحياة وليس وراء ما يريده الآخرون لك. وما هذا بالأمر السهل تحديداً في المجتمع المعاصر حيث نخضع لكثير من التأثيرات الخارجية.

فعلى سبيل المثال يسهل كثيراً أن تكون جدّ مأخوذاً بالحلم بتأثير النجاح التقليدي على سعادتك. ومع ذلك فإن النجاح التقليدي والسعادة أمران مختلفان تماماً، إذ نادراً ما يخدم النجاح التقليدي المتمثل بمنزل كبير وكوخ على الشاطئ وسيارة فارهة وشريك حياة شديد الجاذبية ووظيفة ذات نفوذ، أي هدف غير جعل حياة معظم الناس بالغة الصعوبة. فقد كتب إريك فروم في مؤلفه "الهروب من الحرية": يعيش الإنسان المعاصر متوهماً أنه يعرف ما يريده بينما هو يريد في الواقع ما يفترض به أن يريد. ففي المجتمع الإستهلاكي اليوم يُملي المعلنون ووسائل الإعلام على الناس ما يفترض بهم أن يريدوا. ويتبع معظم الناس هذه الإملاءات عوضاً عن التمهّل للسؤال عما سيجعلهم حقاً سعداء، فمحاولة الإنتماء إلى الأغلبية أكثر سهولة من التشكيك في ما يقومون فيه.

يتوقف مدى سعادتك على إذا ما كنت مستعداً لأن تكون سعيداً. فالسعادة ستراوغك ما دمت تفكر في ما ليس في صالحك وتقوم به، أما عندما تفكر فيما يصبّ في مصلحتك وتقوم به فإنها تأتيك بسهولة. والأهم من هذا حذار أن تُضَلل بالاعتقاد أن السعادة هي ما يراه الآخرون.

كن على ثقة أنك لن تحقق السعادة الحقيقة إذا انتظرت القدر أو الآخرين أن يظهروا لك الطريقة. فسواء كنت ذكراً أم أنثى، مسنّاً أم شاباً، أعزباً أم مرتبطاً، غنياً أم فقيراً، فالسعادة تدع لك حق اتخاذ القرار ببلوغها أو عدمه. وقد أعلمنا الدالاي لاما أن "السعادة ليست بشيء جاهز يمكن أن يُمنح لك وإنما السعادة تنبع من أفعالك".

المصدر: كتاب فكر تنجح أكثر- إيرني زيلنسكي، الصفحات (22-24) (بتصرف)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...