جبران

الأجنحة المتكيرة لجبران خليل جبران
لن يستطيع أحد أن يدرك لماذا حصد جبران خليل جبران صيته الذائع وحضوره على الساحة الأدبية كأحد عمالقة الأدب الحديث دون أن يقرأ أحد أعماله.

كنت أحدث نفسي وأنا أقرأ هذه الرواية بأن جميع الكتّاب يصفّون كلماتهم صفاً رصيناً وينتقون كلماتهم بعناية بالغة ويبدعون في استخدام الكنايات والتشيبهات والاستعارات، لكن لماذا يبدو جبران خليل جبران مميزاً على هذا النحو الذي يجعل مقارنته بغيره أمراً شائناً ومجحفاً بحقه؟! كيف استطاع أن يصف كلماته صفاً متسقاً على ذلك النحو؟ كيف ابتدع تلك الكنايات والاستعارات حتى حملت في طياتها تلك البلاغة واختزلت في مقاطها القليلة كلمات وصفحات كثيرة؟




قد يكون البناء الروائي متواضعاً لكن تحويل نثر تلك الرواية إلى ما يشبه الشعر ينم عن موهبة فريدة وأسلوب نادر.
أقتبس لكم أعزائي بعض المقاطع التالية:
" إن الجمال لغة سماوية تترفع عن الأصوات والمقاطع التي تحدثها الشفاه والألسنة، لغة خالدة تضمّ إليها جميع أنغام البشر وتجعلها شعوراً صامتاً مثلما تجتذب البحيرة الهادئة أغاني السواقي إلى أعماقها وتجعلها سكوتاً أدبياً. إن الجمال سرُ تفهمه أرواحنا وتفرح به وتنمو بتأثيراته، أما أفكارنا فتقف أمامه محتارة محاولة تحديده وتجسيده بالألفاظ ولكنها لا تستطيع."
" الصبي الحساس الذي يشعر كثيراً ويعرف قليلاً هو أتعس المخلوقات أمام وجه الشمس لأن نفسه تظل واقفة بين قوتين هائلتين متباينتين: قوة خفيفة تحلق به في السحاب وتريه محاسن الكائنات من وراء ضباب الأحلام، وقوة ظاهرة تقيده بالأرض وتغمر بصيرته بالغبار وتتركه ضائعاً خائفاً في ظلمة حالكة."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...